من الاقوال الشائعة التي هي عند عامة الناس بمثابة الحكم الفلسفية أن التاريخ ذاكرة الشعوب . وإذا كان الأمر كذلك، فلاشك أن الشعوب تتذكر ما مر بها من العقود والقرون والعصوركما يتذكر الأفراد ما مر بهم من الأيام والشهور والسنين.والمعلوم أن من الأفراد من له ذاكرة قوية، ومنهم من له ذاكرةضعيفة، لكنهم يلتقون جميعا في ميلهم الى زخرفة ذكرياتالماضي وتجميلها، وإلى طرح كل ما هو عبء ثقيل على ضمائرهموإزالة كل غبشة تشين صورة أيامهم الفارطة كما يشتهون أنيتخيلوها. ولهذا يكره الأفراد وجود شهود صدق على ماضيهم.ولا تختلف في ذلك الشعوب عن الأفراد، غير أن بعضها ينشغلبتكاليف الحاضر عن أخبار الماضي، باستمرار، فتمر به الأزمان تلوالأزمان، إلى أن يقتصر علمه بما سلف من دهره على ما يحكيهله غيره، والغالب أن ذلك »الغير « لا يمكن أن يكون إلا ندٌا سبق لهأن كان عدوا للأسلاف والأجداد، أو كان لهم خصما، في أحسنالحالات.ولعل الأمازيغيين خير نموذج للأمم التي لم تكن لها ذاكرةخاصة بها، مادامت الذاكرة هي تدوين السيرة الذاتية. فكأنٌإسهامهم في صنع التاريخ مع أطراف متعددة متعاقبة، خلالما يربو على ثلاثة ألاف سنة، عوٌدهم أن يوطنوا أنفسهم علىنسيان الماضي، لأن ذكره، حينما يتكرر، لاينتج منه إلا التبجحونوع من التشبب كالذي يهواه الشيخ الهرم الكُنتي الفاقدالأمل في المستقبل. والواقع أن التاريخ لايمكن أن يكون الا »علماتحت الحراسة 1)« ) لأن البحث العلمي الحق يقتضي من الباحث أنيتجرد من كل ما هو ذاتي في تفكيره ووجدانه.وإذا كان من المستحيل على المؤرخ حتى في عصرنا هذاالمستوعب لمفهوم »الموضوعية « أن يتجرد من المشاعرالوطنية، أو القومية، أو الدينية، ومن التصورات المذهبية، فمابالك بمن أرٌخوا لماجريات العصور الغابرة، إذ كانت العصبيات، علىاختلاف أشكالها ودرجاتها، هي قوام التماسك الاجتماعي، وكانالتعصب للدين، أو للجنس والعرق، يعد بمثابة الفضيلة الاولى!.إن في موقف الأمازيغيين تجاه ماضيهم لنوعا من النبلوالشهامة، فكأنٌ لسان حالهم يقول: فليكن ذلك الماضي ماكان، إنه لا يهمنا.لكنٌ فيه أيضا نوعا من الغفلة والسذاجة، مادام لأقوالالناس في الناس تأثير على تصورات عامة الناس وتخيلاتهموتبلور آرائهم سواء أ كانت تلك الأقوال صادقة أم كانت كاذبة.وما أكثر ما قاله الناس بخصوص الأمازيغيين منذ فجر التاريخ،
من الاقوال الشائعة التي هي عند عامة الناس بمثابة الحكم
الفلسفية أن التاريخ ذاكرة الشعوب . وإذا كان الأمر كذلك، فلاشك أن الشعوب تتذكر ما مر بها من العقود والقرون والعصوركما يتذكر الأفراد ما مر بهم من الأيام والشهور والسنين.والمعلوم أن من الأفراد من له ذاكرة قوية، ومنهم من له ذاكرةضعيفة، لكنهم يلتقون جميعا في ميلهم الى زخرفة ذكرياتالماضي وتجميلها، وإلى طرح كل ما هو عبء ثقيل على ضمائرهموإزالة كل غبشة تشين صورة أيامهم الفارطة كما يشتهون أنيتخيلوها. ولهذا يكره الأفراد وجود شهود صدق على ماضيهم.ولا تختلف في ذلك الشعوب عن الأفراد، غير أن بعضها ينشغلبتكاليف الحاضر عن أخبار الماضي، باستمرار، فتمر به الأزمان تلوالأزمان، إلى أن يقتصر علمه بما سلف من دهره على ما يحكيهله غيره، والغالب أن ذلك »الغير « لا يمكن أن يكون إلا ندٌا سبق لهأن كان عدوا للأسلاف والأجداد، أو كان لهم خصما، في أحسنالحالات.ولعل الأمازيغيين خير نموذج للأمم التي لم تكن لها ذاكرةخاصة بها، مادامت الذاكرة هي تدوين السيرة الذاتية. فكأنٌإسهامهم في صنع التاريخ مع أطراف متعددة متعاقبة، خلالما يربو على ثلاثة ألاف سنة، عوٌدهم أن يوطنوا أنفسهم علىنسيان الماضي، لأن ذكره، حينما يتكرر، لاينتج منه إلا التبجحونوع من التشبب كالذي يهواه الشيخ الهرم الكُنتي الفاقدالأمل في المستقبل. والواقع أن التاريخ لايمكن أن يكون الا »علماتحت الحراسة 1)« ) لأن البحث العلمي الحق يقتضي من الباحث أنيتجرد من كل ما هو ذاتي في تفكيره ووجدانه.وإذا كان من المستحيل على المؤرخ حتى في عصرنا هذاالمستوعب لمفهوم »الموضوعية « أن يتجرد من المشاعرالوطنية، أو القومية، أو الدينية، ومن التصورات المذهبية، فمابالك بمن أرٌخوا لماجريات العصور الغابرة، إذ كانت العصبيات، علىاختلاف أشكالها ودرجاتها، هي قوام التماسك الاجتماعي، وكانالتعصب للدين، أو للجنس والعرق، يعد بمثابة الفضيلة الاولى!.إن في موقف الأمازيغيين تجاه ماضيهم لنوعا من النبلوالشهامة، فكأنٌ لسان حالهم يقول: فليكن ذلك الماضي ماكان، إنه لا يهمنا.لكنٌ فيه أيضا نوعا من الغفلة والسذاجة، مادام لأقوالالناس في الناس تأثير على تصورات عامة الناس وتخيلاتهموتبلور آرائهم سواء أ كانت تلك الأقوال صادقة أم كانت كاذبة.وما أكثر ما قاله الناس بخصوص الأمازيغيين منذ فجر التاريخ،